خُرافة أن اليمن أصل العرب.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

..

موضوعي اليوم عن { اليمن أصل العرب} هل هذه المقولة حقيقة أم خُرافة؟

وقبل البدء

أود أن أوضح لكم أن هذا الموضوع لتبيان الحقيقة وليس للعنصرية التي لا أقبل بها على أحد.

..

..

أولاً فيما يخص تقسيم العرب إلى ثلاثة أقسام

{ عاربة / مستعربة/ بائدة }

يقولون أن العرب العاربة هم: أهل اليمن 

بمعنى : أنهم العرب الأصليين 

وأن العرب المستعربة: هم ذرية إسماعيل عليه السلام

..

رداً على هذه التقسيمات

هذه تقسيمات مستحدثة ماكانت عند العرب لا في عصر الخلفاء الراشدين ولا في الدولة الأموية .. والذي أتى به هو شخص أسمه { ابن الكلبي} وابن الكلبي نقلها للعرب من كتب اسرائيلية 

من هو ابن الكلبي؟ وما هدف الكتب الاسرائيلية من استحداث هذه التقسيمات ؟؟

ابن الكلبي هو :هشام بن محمد السائب الكلبي، شيعي، كان في عصر الدولة العباسية، يقول عنه احمد بن حنبل " كان صاحب سمر ونسب، ماظننت أن أحداً يحدّث عنه"

ويقول عنه الدارقطني" متروك الحديث"

وقال عنه ابن حجر" متهم بالكذب ورمي بالرفض"

ويقول عنه ابن عساكر" رافضي ليس بثقة" 

ابن الكلبي هو من نقل إلى العرب المصطلحات السابقة { عاربة / مستعربة/ بائدة }

..

أما هدف الإسرائيليين من إستحداث هذه التقسيمات هو:

التشكيك في عروبة الرسول صلى الله عليه وسلم وبأن لسانه غير عربي وإنما مستعرب { أي تعلّم العربية من غيره } وهذه منقصة في حق الرسول صلى الله عليه وسلم الذي كان من أشرف الناس نسباً وأفضلهم حسباً

العربي الأميّ الذي نزل القرآن على لسانه

من شدة بيانه وفصاحته وبلاغته و ذلاقة لسانه ومنطقه

نزهه الله أن يوضع محمداً موضع النقص والذم .

لأنهم عندما قالوا أن ذرية إسماعيل عليه السلام

من العرب المستعربة 

فهم يعلمون أن من ذريته العدنانيين ومنهم بنو قريش ومن قريش بنو عبدمناف ومنهم بنو هاشم ومنهم بعث محمد صلى الله عليه وسلم نبيّاً

فكيف يوصم الرسول أنه غير عربي إنما تعلم العربية من جرهم اليمنية ؟

أليست منقصة في حق الرسول 

الذي قال عنه الله سبحانه :

{ هو الذي بعث في الأُميّيّن رسولاً منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب و الحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين }

قوله: { الأميّين } يعني: العرب 

رسولاً منهم : يعني محمد وهو عربي وبعث من العرب

فكيف يقال عنه: أنه ليس عربي بل مستعرب 

هل نحقق رغبة اليهود في التشكيك بلسان رسولنا وعروبته و أصالته .؟

وكيف نقول عن العدنانيين أنهم مستعربين و القرآن نزل بلغتهم ؟

يقول سبحانه : { وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليُبيّن لهم فيُضلُّ الله من يشاء ويهدي من يشاء وهو العزيز الحكيم }

والقرآن نزل باللغة العربية الفصحى 

فلماذا لم ينزل بلغة أهل اليمن طالما أنهم عرب عاربة وأصل العرب ؟؟

..

..

السؤال المهم: إذا كان محمد صلى الله عليه وسلم عربي أصيل ، كيف يكون من ذرية اسماعيل اللي تعلم اللغة العربية من جرهم اليمنية ؟

الجواب :

أولاً: اليمن ماكانوا يتحدثون العربية بل كان لسانهم عبريّ

فكيف يعلمون اسماعيل العربية وهم لا يتحدثونها ؟

يقول ابن خلدون " وأما جرهم فكانت ديارهم باليمن وكانوا يتكلمون بالعبرانية" 

ثانياً: اسماعيل عليه السلام أنطق الله لسانه باللغة العربية الفصحى وكان عمره أربع عشرة سنة.

حيث روى علي بن أبي طالب رضي الله عنه، عن الرسول صلى الله عليه وسلم، أنه قال: " أول من فُتق لسانه بالعربية المبيّنة إسماعيل، وهو ابن أربع عشرة سنة" المحدث: الألباني. المصدر: صحيح الجامع. الحديث: صحيح.

والعكس هو الصحيح .. أهل اليمن تعلموا اللغة العربية من بنو اسماعيل عليه السلام عندما نزلوا اليمن ، حيث كان لسان أهل اليمن سرياني و عبري.

يقول ابن خلدون " وفي التوراة أن عابر ولد اثنين من الولد هما فالغ و يقطن وعند المحققين من النسّابة أن يقطن هو قحطان وعرّبته العرب هكذا "

فلو كان قحطان عربي لماذا تم تعريبه من العرب ولم يُذكر في التوراة أنه يقطن وبلفظ عبري ؟

ولو نرجع للنقوش الموجودة في حضارة أهل اليمن والتي اكتشفها علم الآثار لوجدنا أن جميعها مكتوبة بلغات مختلفة لا تمت للغة العربية بصلة

ولو ذهبنا لحضارة الجزيرة العربية لوجدنا أن جميع النقوش تؤكد عروبتهم وأنهم أصل جميع الحضارات.

..

ولو نقرأ في سير المسلمين نجد أنهم كانوا يطلقون في كتاباتهم على بعض القبائل القحطانية بالمستعربة لأنهم ليسوا عرباً أقحاحاً بل دخلوا في العرب و تعرّبوا وتعلموا منهم العربية .

فمن يقول أن اسماعيل تعلّم العربية من جرهم اليمنية قوله باطل ومردود عليه.

و لا يُعقل بنا كمسلمين أن نصدّق هذه المقولة التي تسيء لعروبة محمد صلى الله عليه وسلم وتعزلنا كملسمين عن الحضارات القديمة ..

...

فنتوصل إلى أن { إسماعيل وذريته هم أصل العرب }

وذريته هم اللي في جزيرة العرب ..

..

..

أما بخصوص من يستند على دليل " نزوح القبائل العربية من اليمن بسبب إنهيار سد مآرب " فهذا دليل باطل وأكذوبة ليس لها شواهد ولا دلائل تاريخية..

..

و أود أن استعرض لكم قصة في زمن الخليفة العباسي أبو العباس 

فيما يخص موضوع أصالة اليمن وعروبتهم 

أرجو قرآءتها بتمعن

..

كان أبو العباس السفاح يحب من السمر التناظر و منازعة الرجال , فحضر عنده يوما حجازي ويمني ( وهما إبراهيم بن مخرمة الكندي , وخالد بن صفوان بن الأهتم ) فتفاخرا وتنازعا فقال ابن مخرمة اليمني :
يا أمير المؤمنين إن أهل اليمن هم العرب دانت لهم الدنيا ولم يزالوا ملوكا ورثوا الملك كابرا عن كابر وآخرا عن أول منهم النعمان والمنذر صاحبا الحيرة ومنهم عياض صاحب البحرين ومنهم من كان يأخذ كل سفينة غصبا وليس من شيء له خطر إلا وينسب إليهم إن سئلوا أعطوا وإن نزل ضيف قروه فهم العرب العاربة وغيرهم المستعربة
فقال العباس :
أحسنت ولكنني أرى خالدا ما أعجبه الكلام .. ثم قال : ماذا تقول يا خالد ؟؟ أجب صاحبك
فقال خالد :
إن أذن لي أمير المؤمنين بالكلام تكلمت
قال : تكلم ولا تهب أحدا
فقال خالد : أخطأ المقتحم ونطق بغير صواب وكيف يكون لقوم ليس لهم ألسن صحيحة ولا لغة فصيحة نزل بها كتاب أو جاءت بها سنة أن يفاخرونا يفخرون علينا بالمنذر والنعمان
فنفخر عليهم بسيد الأنام , وأكرم الكرام , محمد عليه الصلاة والسلام فلله المنة به علينا وعليهم
يا مفتخرا بالنعمان وصاحب البحرين منا النبي المصطفى والخليفة المرتضى ولنا البيت المعمور وزمزم والحطيم والمقام والحجابة والسقاية والبطحاء والمآثر والمفاخر
ومنا الصديق والفاروق وذو النورين وعلي وأسد الله وسيد الشهداء , فمن لكم بهؤلاء ؟
بنا عرف الناس الدين وأتاهم اليقين , فمن زاحمنا زاحمناه ومن عادانا قطعناه ثم أقبل على إبراهيم فقال له : ألك علم ان قومك ؟ قال : نعم
- فقال خالد : فما اسم العين عندكم ؟
- قال : الحندورة
- قال : فما اسم السن عندكم ؟
- قال : الميدن
- قال : فما اسم الأذن عندكم ؟
- قال : الصنارة
- قال : فما اسم الأصابع عندكم ؟
- قال : الشناتير
- قال : فما اسم الذئب عندكم ؟
- قال : الكنع
- قال : أفعالم أنت بكتاب الله ؟
- قال : نعم
- فقال خالد : فإن الله عز وجل يقول ( إنا أنزلناه قرآنا عربيا )
ويقول ( ان عربي مبين )
ويقول ( وما أرسلنا من رسول إلا ان قومه )
فنحن قومه ونحن العرب والقرآن اننا
- ألم تر أن الله تعالى قال ( والعين بالعين )
ولم يقل ( والحندورة بالحندورة )
- وقال ( والسن بالسن )
ولم يقل ( والميدن بالميدن )
- وقال ( والأذن بالأذن )
ولم يقل ( والصنارة بالصنارة )
- وقال ( يجعلون أصابعهم في آذانهم )
ولم يقل ( يجعلون شناتيرهم في صناراتهم )
- وقال ( فأكله الذئب )
ولم يقل ( فأكله الكنع )
ثم نظر خالد إلى إبراهيم وقال له : إني سائلك عن أربع
إن أقررت لي بهن فقد قهرت , وإن جحدتهن فقد كفرت
قال : وما هن ؟
قال : الرسول منا أم منكم ؟
قال : بل منكم
قال : القرآن نزل فينا أم فيكم ؟
قال : بل فيكم
قال : البيت عندنا أم عندكم ؟
قال : بل عندكم
قال : المنبر لنا أم لكم ؟
قال : بل لكم
قال : اذهب فما كان من فضل بعد ذلك فهو لكم .
فضحك أبو العباس , وأقر خالدا على كلامه

ثم حباهما من العطاء جميعا...!! 

...

ولو نقرأ في التاريخ اليمني على مرّ العصور لوجدنا أن اليمن خليط من لغات متعددة منها المهرية و العبرية و الآرامية والصقطرية و غيرها

فكيف يقال: أنهم أصل العرب ؟

ومادليلهم على ذلك سوى روايات نقلها الإخباريون اللي علماء الجرح والتعديل كذبوهم في نقلهم لاحاديث الرسول فما بالكم في الأمور غير الشرعية، مثل قضية تقسيم العرب ؟

..

فـ خلاصة الموضوع ما يلي :

× الساميون في شبه الجزيرة العربية هم أصل العرب ، وهم أساس اللغة العربية.

×شبه الجزيرة العربية هي موطن الحضارات القديمة.

×اسماعيل عليه السلام أنطق الله لسانه بالعربية ولم يتعلمها من جرهم اليمن.

×الكعبة بُنيت على أرض جزيرة العرب.

×والقرآن نزل بلغة محمد صلى الله عليه وسلم وليست بلغة اليمن.

..

..

أتمنى نوثق التاريخ بدون تزوير، ونحق الحق حتى لو لم يعجب البعض.
مصادري :

كتاب لسان الميزان لابن حجر.

* كتاب العبر، وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر، ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر > لابن خلدون

*صحيح الجامع

*الدكتور سعد بن عبدالله الصويان أكاديمي سعودي وأستاذ علم الاجتماع في جامعة الملك سعود باحث مختص في التاريخ الشفهيوالشعر النبطي في الجزيرة العربية

* تفسير ابن كثير لتفسير الآيات

*الدرر السنيّة > للتأكد من صحة الأحاديث ..

-

أخيرًا أنا مجرد باحثة و اعتمدت على المصادر وهذا الموضوع لايعني أنه رأيي الشخصي .  

-
تسعدني متابعتكم لحساباتي على مواقع التواصل الاجتماعي
سنابي : n-h37
اليوتيوب فيه جميع مواضيعي القديمة: كناشة نورا
التليجرام: https://t.me/nh37777